قال الدكتور أمجد الوكيل رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.، أن الطاقة النووية كخيار في مزيج الطاقة فهى تعد بلا شك خيار اساسي لاغني عنه .
و أضاف الوكيل خلال رده على أسئلة المهتمين بشئون الطاقة النووية خلال ” المنتدى العربى الخامس حول آفاق توليد الكهرباء و إزالة لوحة مياه البحر بالطاقة النووية “، انه حول اسباب الاهتمام بخيار الطاقة النووية في مصر؟ وكيف تقارن الطاقة النووية بخيارات توليد الكهرباء الأخرى في مصر؟ وما هي أهم المزايا والمحاذير وقدرتها التنافسية الاقتصادية مقارنة بخيارات توليد الكهرباء الأخرى؟
اكد ان ذلك يحدث لكثير من الاسباب منها:
الحفاظ على موارد الطاقة التقليدية من البترول والغاز الطبيعي حيث أنها موارد ناضبة وغير متجددة بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال هذه المصادر كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية والأسمدة،
و اوضح ان الطاقة النووية ايضا هي أحد مصادر الطاقة النظيفة وتلعب دورا بارزا كأحد الحلول الجوهرية لتقليل انبعاثات الكربون ولمجابهة ظاهرة الإحتباس الحراري والحفاظ علي البيئة.
و اضاف ان الطاقة النووية ايضا لها دور لا غني عنه في تطوير الصناعة الوطنية من خلال برنامج طويل المدى تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقاً لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة نوعية هائلة في جودة الصناعة المصرية وإمكانياتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
و اوضح الوكيل ان مشروعات الطاقة النووية تعد من المشاريع العملاقة والإستثمار في هذه النوعية من المشاريع يعطي إنطباع بالقوة والثقة في الإقتصاد المصري مما يسهم في تحسين مناخ الإستثمار في الدولة، حيث أن قطاع الطاقة يعد القاطرة لقطاعات إقتصادية متعددة.
واضاف انه لا شك ان الطاقة النووية تمتاز بالمأمونية وثبات سعر الطاقة الكهربية المنتجة وتنافسيتها وعدم تأثرها بالتقلبات السريعة والحادة التي ربما تنشأ في مصادر الطاقة الاخري.
إضافة إلي ما تم ذكره فان المشروع النووي سيعمل علي ايجاد فرص عمل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الانشطة المصاحبة للمشروع ، كما سيؤدي المشروع الي رواج اقتصادي في منطقة موقع الضبعة والمناطق المحيطة من خلال فتح أسواق جديدة اثناء عمليات الانشاء والتشغيل لتدبير احتياجات المعيشة اليومية.
و أكد ايضا انه سيتم الاستفادة من تطوير البنية التحتية من مرافق (مياه – كهرباء – طرق – اتصالات) كما سيتم الاستفادة من تطوير الخدمات الصحية (مستشفيات متطوةر- خدمات اسعاف- ….) والتعليمية (مدارس فنية متطورة – واقسام جامعية) والترفيهية (حدائق – متنزهات – دور للسينما – ….).
و يمكن لبرنامج المحطات النووية أن يكون نواة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي حيث أنه وثيق الصلة بمجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية وبعلوم البيئة وغيرها ، لذا لا شك انه يمكن القول ان مشروعات الطاقة النووية السلمية أحد الركائز الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
و حول الدور الإقليمي الذي يمكن أن تؤديه مصر) المنشآت ، الموارد البشرية( لدعم البرامج النووية للدول العربية الشقيقة؟ وما هي أهم الدروس المستفادة التي تقدمها مصر للدول العربية في ضوء النجاح الذي حققته مهمة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ شهر مضى لمراجعة تطوير البنية التحتية النووية في مصر؟
أكد الوكيل أن مصر دائما داعمة لجهود جامعة الدول العربية كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك، وبما يساهم في تعزيز المسيرة العربية المشتركة. كما تولي مصر اهتماماً كبيراً للتعاون العربي الجماعي في مجالات العلم والتكنولوجيا والتعليم والثقافة، وكذلك تنمية العلاقات الثنائية بين الدول العربية.
اضاف ان تعزيز التعاون العربي والدولي في المجال النووي لا شك يؤدي إلى تقليل المخاطر بالنسبة لكل بلد نتيجة لتضافر الجهود ومشاركة الخبرات وتبادل الممارسات الجيدة بين الدول. وقد دعمت مصر دائمًا التعاون الإقليمي ولعبت دورًا رئيسيًا في تقاسم والحفاظ على المعرفة فيما يخص الأمن والأمان النوويين في المنطقة.
وكمثال على التعاون الإقليمي الفعال ، اوضح الوكيل انه يمكن ذكر الشبكة العربية للمراقبين النوويين Arab Network of Nuclear Regulators (ANNuR) التي تضم 22 دولة عضو وهذه الشبكة لا تجمع فقط الدول الأعضاء من الدول العربية المهتمة بتطوير المحطات النووية ، ولكن أيضًا تلك التي تستخدم التطبيقات النووية الأخرى )مثل التطبيقات الطبية والصناعية والبحثية والزراعية وغيرها) .
هذا بالإضافة الى الهيئة العربية للطاقة الذرية ايضا و التى تمثل مثالا اخر لدعم مصر للعمل العربي المشترك من خلال دورها المؤسس في هذه المنظمة العلمية العربية المتخصصة التي تعمل في نطاق جامعة الدول العربية وتعنى بالعلوم النووية وتطبيقاتها في المجال السلمي كما تسعى إلى تطوير العمل العلمي العربي المشترك ومواكبة التقدم العلمي والتقني العالمي ومن خلال استضافتها للفاعليات التي تنظمها الهيئة العربية مثل هذا المنتدي وغيره من المنتديات الاخري.
أما بالنسبة لمهمة خبراء الوكالة، أولاً ألقى الوكيل نظرة عامة على المهمة المصرية، فقد أنهى بنجاح فريق من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة استغرقت 11 يومًا في جمهورية مصر العربية بداية من 27 أكتوبر 2019 وحتي 6 نوفمبر وذلك بهدف مراجعة تطوير البنية التحتية لبرنامج الطاقة النووية؛ حيث يتم مراجعة 19 قضية للبنية التحتية وقد تمت المهمة بدعوة من الحكومة المصرية ممثلة في هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء كونها المالك والمشغل لمحطات القوى النووية في مصر.
وقد أعرب فريق مهمة المراجعة المتكاملة للبنية التحتية النووية بأن مصر قامت بجهود مكثفة لتطوير بنيتها التحتية استعدادا لمرحلة إنشاء المحطة النووية وهو الأمر الذي يوضح مدى الدعم القوي الذي توليه الحكومة المصرية لمشروع المحطة النووية بالضبعة وذلك من خلال التزام واضح بمعايير الأمن والأمان النوويين وعدم الانتشار، كما أشار فريق المراجعة إلى أن مصر قد قامت بسن تشريعات وطنية شاملة مهدت لتوقيع الاتفاقية الحكومية الإطارية وإبرام عقود إنشاء وتشغيل المحطة النووية الأولى، وفي ضوء ذلك فقد تم تأسيس كل من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية وكل من الهيئتين يحظيان بخدمات إستشارية سواء كانت فنية أو قانونية من أجل تقديم الدعم والتطوير للبنية التحتية، بما في ذلك تنمية القدرات البشرية.
أما الدروس المستفادة من هذه المهمة فتتمثل فى أهمية الدعم الحكومى والوطنى لمثل هذه المشروعات لتوفير الدعم اللازم وأيضا أهمية الموارد البشرية اللازمة وتوافقها مع متطلبات كل مرحلة من مراحل المشروع المختلفة حيث أن الموارد البشرية هى قاطرة التنمية وكذا أهمية وجود بنية مؤسسية لإدراة البرنامج النووى والمشروعات النووية تتتطلب التخطيط السليم والعمل الجاد والتعلم من تجارب الآخرين.
و فى نهاية الجلسة ألقى الوكيل نبذة مختصرة عن تاريخ الطاقة النووية في جمهورية مصر العربية حيث ان مصر كانت من الدول القليلة الافريقية والعربية التي ادركت منذ منتصف القرن الماضي اهمية الطاقة النووية واستخداماتها السلمية فانشائت هيئة الطاقة الذرية في منتصف القرن الماضي تلاها تشغيل مفاعل مصر البحثي الاول في الستينات ثم انشاء هيئة المحطات النووية عام 1976 ثم هيئة المواد النووية عام 1977 واخيرا هيئة الرقاية النووية والاشعاعية عام 2012….ربما تأخرت مصر في تنفيذ برنامجها النووي فيما يخص الطاقة النووية لاسباب سياسية او تمويلية او كليهما ولكن في النهاية نجحت مصر في انهاء المرحاة الاولي من تنفيذ برنامجها النووي عام 2007 عندما اعلنت القيادة السياسية حينذاك عن قرارها الاستراتيجي بتبني الطاقة النووية كأحد الخيارات الاساسية لمزيج الطاقة والبدء في انشاء عدد من محطات الطاقة النووية…ثم في عام 2014 ومع تولي فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قررت مصر الانتقال من المرحلة الثانية من تنفيذ برنامجها النووي الي المرحلة الثالثة وذلك من خلال طرح محطة الطاقة النووية بالضبعة ومن خلال شريك استراتيجي حيث اسفرت المباحثات عن اختيار الجانب الروسي كشريك استراتيجي لمصر في بناء مشروعها النووي وتم توقيع العقود واطلاق اشارة البدء للمشروع في ديسمبر 2017 برعاية القيادة الساسية في البلدين.
و قال ” حقيقة الامر ان مصر تمتلك اجيال واجيال من العلماء والخبراء المتميزين في مجال الطاقة النووية وهو ما يؤهلها تماما للدخول في هذا المجال بقوة” .
و فى ختام حديثه اكد رئيس هيئة المحطات النووية أن النجاح لا يتأتي إلا بالعمل الجاد والتفاني.