تنمية مستدامة
انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي لجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط
انطلقت صباح اليوم فعاليات المؤتمر السنوي لجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) الذي تحتضنه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، على مدار يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، تحت عنوان “الإدارة العامة والسياسات العامة في ظل مستقبل متغير: نحو تبني نهج استراتيجي وابتكاري ومرن”، وهو المؤتمر الذي يأتي نتيجة للتعاون المثمر بين مشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الامريكية بالقاهرة.
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة التحولات الكبرى في الإدارة والسياسات العامة بالمنطقة، ويسعى لتقديم رؤى مبتكرة حول كيفية التعامل مع التحديات الناشئة في الإدارة العامة، واستخدام التقنيات الحديثة والابتكار لتطوير حلول فعّالة ومستدامة لمستقبل الإدارة العامة، ويشهد المؤتمر مشاركة نخبة من الخبراء والممارسين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب مسؤولين حكوميين وأكاديميين بارزين، ومن المقرر أن يشمل المؤتمر كلمات رئيسية، وجلسات نقاشية، وأبحاثًا متخصصة حول مواضيع الابتكار والحوكمة والتنمية المستدامة.
وقد انطلقت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمات ترحيبية من قادة المؤتمر، حيث قالت الدكتورة ليلى البرادعي – رئيسة الجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) وأستاذ ورئيس قسم السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: “يسعدنا أن نرحب بالعديد من الشخصيات المرموقة من المنطقة وخارجها، جميعهم مهتمون بمجال الإدارة العامة والسياسات العامة، وهو العنوان الذي اخترناه لمؤتمرنا هذا العام، والذي يُعقد بالشراكة مع مشروع الحوكمة الاقتصادية (EGA) الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ونشكرهم على ذلك، وبالنسبة لأولئك الذين ينضمون إلينا لأول مرة، هي منظمة غير ربحية مكرسة لخدمة المصلحة العامة وإلهام التميز المهني في منطقة الشرق الأوسط. تأسست في عام 2018، ومنذ ذلك الحين، تعمل كمنصة حيوية للأكاديميين والمحترفين وصناع السياسات في المنطقة للمشاركة في بحوث أكاديمية رصينة وتحليل سياسات مبتكر، وتشمل مهمتها تعزيز التميز في الإدارة العامة والسياسات العامة والتعليم والبحث في منطقة الشرق الأوسط، من خلال طرق تعليم مبتكرة وأبحاث ذات تأثير، وتسهيل تبادل المعرفة والدعوة إلى اتخاذ قرارات سياسية مبنية على الأدلة، وتسعى المنظمة دائمًا للمساهمة في التنمية الإقليمية، ودعم تطوير شرق أوسط أكثر عدلاً وإنصافًا وازدهارًا، من خلال تعزيز مبادئ الحوكمة الجيدة والديمقراطية والتنمية المستدامة.”
ومن جانبها، قالت الدكتورة نهى المكاوي – عميد كلية الشؤون العالمية والسياسات العامة (GAPP): “من الضروري تناول موضوعات تتعلق بالتغيرات الضخمة التي تشهدها المنطقة، والتي تحمل في طياتها فرصًا وتحديات هائلة، خاصة وأن المنطقة تواجه تحولات غير مسبوقة، تتطلب استجابة مناسبة من الدولة والمجتمع، وأن الالتزام بالعقد الاجتماعي هو ما سيقوي العلاقة بين المواطن والدولة، والمنطقة ليست خالية من نماذج مبتكرة من الإدارة العامة والسياسة العامة، وعلينا مناقشة هذه النماذج الجيدة، كما أنه من الضروري أن يتم التعاون الإقليمي وفتح الأبواب للتجارب العالمية، وهو ما يمثل رؤية الكلية في الانفتاح على التجارب الجيدة مع التركيز على العدالة والشمولية في السياسات العامة والإدارة العامة”.
وفي كلمته، قال الدكتور أحمد دلال، رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى دور الجامعة في دعم الابتكار: “تواجه المؤسسات في الشرق الأوسط تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وبيئية معقدة، ولكن وسط هذه التحديات تكمن فرص للتقدم نحو التنمية المستدامة من خلال تبني سياسات مبتكرة وشاملة ونهج شامل للحكم، ويمكن للتقدم التكنولوجي أن يعزز عملية اتخاذ القرار، ويزيد من الكفاءة، ويحسن تقديم الخدمات العامة، ومع ذلك، يجب دمج هذه التقنيات مع العدالة والشفافية والإشراف البشري وآليات التحكم، كما يجب أن تصبح المؤسسات أكثر مرونة واستجابة للاحتياجات المتغيرة بسرعة، مع دمج الاستدامة في السياسات العامة وبناء المرونة للتكيف مع الصدمات الاقتصادية”.
أما السيد شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، فقال: “نواجه اليوم تحديات هائلة على مختلف الأصعدة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية، أو حتى تكنولوجية، كذلك نلاحظ أن التكنولوجيا تتطور بوتيرة غير مسبوقة، مما يؤثر على كيفية إدارة البيانات وتوظيفها لدعم القرارات، فالتغيرات البيئية تزيد من صعوبة تحقيق الازدهار المستقبلي وتفرض على الدول تحديات كبيرة في توفير الأمن الغذائي، التعليم، والخدمات الصحية، فمن خلال هذا المؤتمر، نهدف إلى تعزيز الحوكمة القائمة على البيانات والابتكار، والتصدي للتحديات عبر سياسات عامة جريئة وعملية، ويتطلب ذلك شجاعة من صانعي السياسات لاتخاذ قرارات تتجاوز الخيارات السهلة وتحقيق العدالة والمساءلة والمشاركة الفعالة، ونحن ملتزمون بدعم الجهود المصرية في تحسين الإدارة العامة من خلال استراتيجيات مبتكرة تشمل تطوير الكفاءات، إنشاء وحدات المراجعة الداخلية والحوكمة، وتعزيز الشفافية والكفاءة في العمل الحكومي”.
وقال الدكتور أحمد طنطاوي – مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس مركز الابتكار التطبيقي في الكلمة التي ألقاها ممثلًا للدكتور عمرو طلعت – وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: “نهدف لتعزيز استخدام التقنيات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في تحقيق الأهداف الهامة للأمة، كل محافظة في العالم لديها وظائف أساسية تتجاوز مجرد تقديم الخدمات، مثل الرعاية الصحية، التعليم، والتنمية الاقتصادية، لكن هناك نقصًا في الأنشطة داخل القطاع العام تتعلق بتطوير هذه الخدمات باستخدام التكنولوجيا، لذا فنحن نحاول تأسيس كيان ضمن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للقيام بذلك بأنفسنا، فعلى سبيل المثال، قمنا بتطوير حل قائم على الذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية السكري، ونجحنا في فحص 12 ألف مواطن مصري مصاب بالسكري، فالابتكار يؤثر بشكل كبير على كيفية صنع السياسات العامة وتنفيذها”.
ومن جانبها، قالت الدكتورة رانيا المشاط – وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، خلال كلمتها الافتراضية: “من بين المبادرات البارزة، مشروع الحوكمة الاقتصادية الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ويستمر من 2023 حتى 2030، إذ يجسد هذا المشروع روح التعاون من خلال تعزيز الحوكمة الاقتصادية، خصوصًا الإصلاحات التي تتماشى مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وقد حقق البرنامج إنجازات ملموسة مثل: إطلاق “كمت”، أول روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي في الخدمة المدنية، لتعزيز الشفافية وتوفير الوصول الفوري إلى المعلومات القانونية، وتقديم إطار عمل أولي لاستراتيجية الإصلاح الإداري العامة الوطنية، وتعزيز مراقبة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد باستخدام أدوات إلكترونية لإدارة الأداء، وتطوير دورات تدريبية رقمية للخدمة المدنية تركز على المهارات الإدارية والأخلاقيات والمساواة بين الجنسين، ودعم احتضان الشركات الناشئة لخلق فرص عمل جديدة وتسليط الضوء على دور ريادة الأعمال في النمو الاقتصادي، وإطلاق برامج إرشادية للنساء العاملات في الخدمة المدنية، ما يعزز من دورهن كقادة جدد، ويتماشى هذا التقدم مع جهود الوزارة لدعم إصلاح الإدارة العامة وتعزيز الأثر الإيجابي للمبادرات المدفوعة بالابتكار”.
وبعد كلمة الدكتورة رانيا المشاط جاءت كلمة رئيسية ألقاها الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في مصر، حول “إصلاحات الإدارة العامة في مصر: الطريق نحو المستقبل”، والتي تحدث فيها على دور الحكومة الحيوي في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، مشددًا على أهمية الإصلاح الإداري لتحقيق مستوى أفضل من الخدمات الحكومية، وأوضح أن المؤتمر يمثل فرصة هامة للاطلاع على أفضل الممارسات العالمية، مما يسهم في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الجهاز الإداري، مثل التشريعات وتداخل أنشطة المؤسسات الحكومية، وأشار إلى أن تطوير الإطار التقني وخطة الإصلاح الإداري يعدان من الأسس لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية 2030، كما أكد على أهمية تحقيق تطور إداري فعال ومُحكَم يسهم في الدور التنموي للدولة، من خلال إصلاح تشريعي شامل وتطوير قانون الخدمة المدنية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات المؤسسية والتعامل الفعال مع البيانات، فهذه الإصلاحات ليست مجرد خطوات إدارية، بل هي ضرورة لتحقيق تحول حقيقي في كيفية تقديم الخدمات الحكومية وتحسين حياة المواطن المصري.
انطلقت فعاليات المؤتمر بجلسة نقاشية افتتاحية تحت عنوان “تعزيز مبادرات الحوكمة في مصر”، والتي شهدت مشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في مجال الحوكمة والإصلاح الإداري. ضمّت الجلسة الدكتور أحمد درويش، وزير الدولة للتنمية الإدارية الأسبق، واللواء خالد عبد الحليم، محافظ قنا، واللواء عصام زكريا، رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجي بهيئة الرقابة الإدارية، وأدار الجلسة الدكتور خالد زكريا أمين، أستاذ السياسات العامة والمستشار الرئيسي لمشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تناولت الجلسة أبرز الجهود والمبادرات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تطوير الأداء الحكومي وبناء مؤسسات فعّالة تدعم الشفافية والكفاءة.
ومن الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يأتي في إطار جهود مشروع الحوكمة الاقتصادية (EGA) الذي يُنفذ بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ، ويهدف إلى دعم مناخ الاستثمار في مصر من خلال تعزيز الحوكمة الاقتصادية، وتحسين التنمية المؤسسية والإدارية، بما يتماشى مع استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030 ورؤية الإصلاح الإداري، ويركز المشروع على تعزيز إصلاحات الحوكمة من خلال تطوير نماذج جديدة لتقديم الخدمات، وتحسين الكفاءة المؤسسية لضمان استجابة أكبر لاحتياجات المواطنين والقطاع الخاص، وبالتالي دعم المناخ الاستثماري في مصر، وتشمل أهداف المشروع: تعزيز إصلاحات الحوكمة الاقتصادية، وتحسين قدرات المؤسسات العامة على الأداء، وتطوير وتنفيذ نماذج مبتكرة لتقديم الخدمات العامة.