المقالات

سيارات ذوى الهمم.. بين مطرقة الحكومة وسندان السماسرة!!

بقلم / محمود مطاوع هجرس

نص البند الرابع من المادة (٣١) بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠١٨ الخاص بحقوق ذوي الهمم على إعفاء سياراتهم من الضريبه الجمركية أيًا كان نوعها وضريبة القيمة المضافة، وأضاف البند الثالث من ذات المادة بالسماح لمن كان قاصرًا أو حالته لا تسمح بالقيادة بنفسه إصدار رخصة قيادة لسائقه الشخصي المؤمن عليه أو من أحد أقاربه من الدرجة الأولي، وهذا البند قد سبب صداعًا فى رأس الحكومة؛ لما تبعه من إستغلال ومتاجرة من السماسرة الذين تخيلوا أنه جاء مُنقذًا لهم فى تقنين عملياتهم المشبوهة وفسادهم الذى استفحل، عن طريق شراء جوابات الحالات التي من حقها مُرافق، مما ترتب عليه وضع العراقيل أمام ذوى الهمم فى جميع مراحل حصولهم على السيارة إبتداءً من صعوبة حجز موعد الكشف الطبي على الموقع الإلكتروني الذى يتم فتحه ١٠ دقايق فقط يوميًا، وانتهاءً بزيادة رسوم ترخيص السيارة الذى تجاوزت مبلغ ٥٠٠٠ جنيه!!
هذا بالإضافة إلى قرارات أخرى صادمة منها فرض رسوم ( تنمية موارد الدولة) والتى تتجاوز مبلغ ١٥ ألف جنيه، ومؤخرا يتم تحصيل رسوم عبور الطرق والكباري الجديدة من سيارات ذوى الهمم، وذلك بالمخالفة للقانون الذي أقر بالإعفاء الكامل من كافة الرسوم تحت أى مسمى، ليس هذا فحسب، بل قامت وزارة التضامن بقطع معاش الضمان عن كل شخص يحصل على حقه فى سيارة مجهزة، ولكن هذا القرار أيضا لم يحد من الظاهرة لأن المُخالف يعلم أن المعاش المقطوع هو ٤٤٧ جنيه شهريًا باجمالي ٢٦٨٢٠ ألف جنيه في خمس سنوات أقل مما يتحصل عليه نظير بيع حقه في السيارة والذي وصل لمبلغ ٣٥ ألف جنيه ( يعنى مازال كسبان فعليًا)..
ومن ناحية أخرى تحدث أحد مُتخذي القرار عن ضرورة وجود مالك السيارة بجوار المُرافق دائمًا فى جميع تحركاته أيًا كانت درجة إعاقته وصعوبتها، وهذا أمر يصعب تطبيقه لعدم منطقيته؛ إذ أنه شبه مستحيل أن يتم إصطحاب مالك السيارة (شديد الإعاقة) أثناء التوجه لمحطات البنزين أو مراكز صيانة الأعطال وانتظاره بجوار مُرافِقه بالساعات، لما فى ذلك من إرهاق وتعب دون داعي، وتناسى صانعي القرار أن السيارة لتلك الفئة ليست رفاهية أو مظهرًا من مظاهر الترف والثراء، وإنما هى ضرورة مُلِحة؛ لأنها بمثابة جهاز تعويضي يُعينهم على التنقل بسهولة ويسر لإنجاز مصالحهم والذهاب لأعمالهم دون معاناة، خاصة مع إستحالة إستقلالهم وسائل النقل العامة الغير مهيأة لهم على الإطلاق..
وتستمر لعبة القط والفأر بين الحكومة والسماسرة فى هذا الشأن لإعتقاد الدولة بأن السواد الأعظم من ذوى الهمم يبيع سيارته لغير المستحقين وهذا عكس الواقع تمامًا، حيث أن القِلة التى تفعل ذلك مضطرة لا تمثل نسبة ١٠ % من ملايين ذوى الهمم الذين يلتزمون بالقانون ولا يفرطون فى حقوقهم مهما كانت الإغراءات، لكن للأسف الإجراءات الحكومية لم تنصفهم أو ترحمهم، ووضعتهم جميعا فى محل اتهام ومضايقة بمبدأ أن السيئة تعُم!!
والحل بكل بساطة هو إصدار لوحات معدنية مخصصة لسيارات ذوى الهمم تكون بلون مميز على غرار سيارات الهيئات الدبلوماسية مع وضع الشعار الخاص بهم بطريقة يصعب معها طمسه أو إزالته حتى يسهل معرفتها لرجل المرور، وإستغلال التحول الرقمي الذي حدث من خلال الملصق الإلكتروني المُسجل عليه كافة تفاصيل السيارة ومالكها وتحديد موقعها بكل دقة، وبذلك تستطيع الحكومة التأكد من مكان مبيت السيارة اليومي وإن كان يتبع محل إقامة مالكها أم لا، بدلا من حملات التفتيش التى كانت تذهب لمنازلهم ليلا فى الماضي للتأكد من وجود السيارة لدى مستحقها *(منشور مع المقال صورة توضيحية لفكرة اللوحة)*.
وهذا إجراء يسهل تطبيقه للتصدى لمافيا مستغلي حقوق ذوى الهمم، ونكون بذلك قد نحرنا مشروعهم القبيح ونسفناه للأبد، ولن نحتاج للتضييق على ذوى الهمم فى الكمائن والدوريات المرورية معتقدين أن ذلك قد يُربك المافيا ويُرعب المتاجرين، رغم علم الجميع بأن المستفيدين من تلك المتاجرة أغلبهم أشخاص ذات حصانة ونفوذ، لأنه مستحيل أن يشتري تلك السيارة موظف صغير أو مواطن بسيط؛ ليقينه بأنه لن يسلم من الرقابة المرورية ولن يستطيع التجول بها دون مشاكل..
مع النظر بعين الإعتبار للبسطاء من ذوى الهمم الذين تم إستغلال إحتياجهم لضآلة معاش الضمان الإجتماعي الذي لا يكفي العيش الحاف، ويجب رفعه ليتناسب مع الحد الأدنى للأجور (القديم) الذي يبلغ ١٢٠٠ جنيه شهريًا مع ضرورة إقرار زيادة سنوية عادلة تُناسب الحياة المعيشية الصعبة، عندئذ فقط نستطيع تطبيق عقوبات رادعة ضد المخالفين (دون رحمة) منها تحصيل قيمة الجمارك المستحقة من المُشتري لأنه ليس من ذوى الهمم ولا يستحق الإعفاء، ويتم مصادرة السيارة وبيعها فى المزاد العلني لصالح الدولة حال رفضه السداد، مع التأكيد أننا ضد تلك المتاجرة نهائيًا وندينها بشدة ومع كل الإجراءات التى تحد منها، لكن دون المساس أو الإضرار بالملايين الملتزمة التى تتمتع بحقها الذى بُحَّ صوتنا فى المطالبة به منذ سنوات.
محمود مطاوع هجرس
نائب رئيس جمعية شعاع الخير لحقوق ذوي الهمم hagrass2000@yahoo.com

الوسوم